الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: أي خيارات لنسخة منقّحة عن الفراغ ؟
flag-big

النهار: أي خيارات لنسخة منقّحة عن الفراغ ؟

كتبت صحيفة “النهار” تقول: لم تشكل عودة الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من باريس الى بيروت ضماناً كافياً ومطمئناً الى ان الايام القريبة ستشهد حسما ايجابيا لأزمة تأليف الحكومة او بلورة للاتجاهات البديلة في حال اخفاق آخر جولات المشاورات والاتصالات والجهود التي يستكملها الحريري بعد لقاءاته الباريسية مع باسيل وجعجع في الايام السابقة. اذ ان المعطيات الجادة التي توافرت عن نتائج لقاءات باريس وكذلك عن طبيعة المواقف من المشاورات الجارية حول الاقتراحات والافكار المتصلة بتوزيع التوازنات والحقائب الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية، تظهر شكلاً ومضموناً ان الازمة تبدو كأنها عادت تراوح عند مربعاتها الاولى ولا سيما لجهة الدوران في حلقة العقم اياها المتصلة بموضوع الثلث المعطل.

ولعل اللافت في هذا السياق بروز نبرة حادة في الدوائر القريبة من رئاسة الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير باسيل حيال ما تعتبره حرباً كونية على العهد في موضوع الحصة الوزارية، وقت تؤكد المعلومات ان باسيل لم يوافق بعد لا في لقاءات باريس ولا في الاتصالات الجارية في بيروت التراجع عن 11 وزيرا ضمن الحصة المشتركة لرئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر”. وفي المقابل فان التركيز على ما قد يتخذه الرئيس الحريري من خيار حاسم في الايام القريبة افتقر الى معرفة طبيعة هذا الخيار الذي يحرص الحريري على احاطته بكتمان شديد، لكنه فيما يواصل اتصالاته في شتى الاتجاهات يبدو واضحاً انه يضع نصب أولوياته استجماع توافق متين على التشكيلة الحكومية واذا تعذر ذلك فانه يدرس البدائل التي قد يكون في الاتصالات واللقاءات التي يجريها جس نبض حيالها.

والواقع ان الحقائق التي أفضت اليها الازمة بعد أيام من بدء شهرها التاسع تبدو شديدة القتامة من حيث استبعاد جهات معنية بالمشاورات الجارية التوصل في وقت قريب الى المخرج الذي يسعى اليه الرئيس المكلف، فيما لم تتقدم الاقتراحات والطروحات المختلفة قيد انملة في فكفكة عقدتي الوزير السني الممثل لـ”اللقاء التشاوري” من جهة والثلث المعطل لحصة الفريق الرئاسي من جهة أخرى.

وما يثير المخاوف في المعطيات التي تشير اليها هذه الجهات، هو حديثها عن استعدادات سياسية لدى معظم الافرقاء لاحتمال ان تكون البلاد سائرة نحو ازمة حكومية طويلة المدى قد تشكل في حدها الادنى نسخة مماثلة أو منقحة قليلاً عن ازمة تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام التي استمرت 11 شهراً ونيفاً، وفي حدها الاقصى قد تحاكي أزمة الفراغ الرئاسي التي تمادت سنتين ونصف سنة قبل انتخاب الرئيس العماد ميشال عون. وعلى قتامة هذه التوقعات التي لا ترى جهات رسمية وسياسية عدة انها واقعية وتستبعد تالياً تمادي الازمة الحالية الى مدد مشابهة للازمتين المشار اليهما، فان ثمة اقراراً من القوى المعنية بالازمة بان المناعة الاقتصادية والمالية والاجتماعية في لبنان بلغت مستويات متوغلة في الخطورة بحيث بات هذا العامل يشكل الضاغط الاقوى والاكثر الحاحاً من أجل تجنب اعادة لبنان الى ازمان الازمات المفتوحة والطويلة المدد بما ينذر حينذاك فعلا بخطر حصول انهيارات يصعب تجنبها.

لذا لا تستبعد الجهات المعنية ان يكون جانب من المشاورات والمساعي الجارية لاستعجال تأليف الحكومة متصلا بطرح البدائل الظرفية والموقتة التي يمكن اعتمادها اذا تبين ان ازمة التأليف لن تفضي الى نهاية ايجابية في وقت قريب. واذ لفتت الجهات المعنية الى ان الحريري لا يسلم سره حيال ما يمكن ان يتخذه من قرارات بعد جولة المشاورات الجارية، قالت إنها لا تستبعد ان يكون البحث جارياً في اللجوء الى اجراءات تكفل تمتين المناعة المالية كحزام امان في مواجهة احتمال تمادي الازمة الحكومية. ومن هنا تصاعد المعطيات في الساعات الاخيرة عن اتجاه الى تحديد موعد الجلسة تشريعية لمجلس النواب الاسبوع المقبل كما الحديث عن جس النبض في شأن تمرير الموازنة ضمن مبدأ “تصريف أعمال الضرورة ” في المسائل الملحة فقط بما يعني في هذه الحال انتفاء كل ما تردد عن اتجاه الحريري الى الاعتذار بل انه قد يكون يدرس افضل البدائل اذا تعذر صدور التشكيلة الحكومية في وقت سريع.

الحريري
وقد كررت اوساط الحريري عقب عودته أمس الى بيروت انه يعطي المشاورات الجارية بضعة أيام قبل اتخاذ قراره الحاسم، مشيرة الى انه يملك خيارات عدة وهي في يده وحده. وقالت ان الرئيس المكلف في حال ترقب وينتظر اجوبة الافرقاء الآخرين مما طُرح من خيارات في العاصمة الفرنسية، وهو يقول إنه قام بما عليه من تنازلات، موضحة الى “اننا في ربع الساعة الأخير في الملف الحكومي وإذا لم تُشكّل الحكومة فنحن نتحدث عن مشهد آخر”. واكدت الاوساط ان “هذا الاسبوع سيكون حاسماً في ما خص التأليف وجولة اخيرة من المشاورات تحصل… الحريري يأمل أن يكون الحسم ايجابياً، أما الخيارات البديلة من التشكيل، فمفتوحة، ولا يملكها أحد سواه، وكل ما يُقال حول اعتذار او فضح للمعرقلين هو فقط في إطار التحليل الصحافي”.

وقد اتصل رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس بالحريري واطلع منه على حصيلة لقاءاته ومشاوراته في باريس. وفهم من الحريري انه سيكوّن النتيجة النهائية في اليومين المقبلين حيال تأليف الحكومة. وكان بري قد دعا هيئة مكتب مجلس النواب الى الانعقاد غدا الاربعاء على ان يحدد موعد الجلسة التشريعية في الاسبوع المقبل. وستدرج على جدول اعمال الجلسة جملة مشاريع مهمة من أبرزها العمل بالقاعدة الاثني عشرية للانفاق الرسمي وتمويل شراء الفيول وموضوع اليوروبوند وغيرها.

وفي اطار الاهتمام الغربي بالاوضاع اللبنانية، التقت مساء أمس سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن الرئيس الحريري لمناقشة آخر تطورات الجهود التي يبذلها في مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة. وقالت إن “الغياب المستمر للحكومة بدأ يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي للبنان وعلى حياة الكثير من اللبنانيين”، متمنيةً للرئيس الحريري النجاح في جهوده الأخيرة.

وناقش الحريري ولاسن خلال الاجتماع الأوضاع الاقتصادية الراهنة وجهود متابعة مؤتمر “سيدر”. وشددت السفيرة لاسن على “ضرورة تحقيق تقدم في الإصلاحات التي اقترحتها الحكومة في نيسان الماضي”. وقالت إنّ “الاتحاد الأوروبي مستعد لدعم لبنان في تنفيذ هذه الإصلاحات”. كما أطلعت الحريري على التحضيرات لمؤتمر بروكسيل 3 المقبل.

نفي فرنسي
ووسط هذه الاجواء برز نفي فرنسي رسمي لما نسبته صحيفة اسرائيلية الى وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان قبل يومين عن لبنان. وأفاد مراسل “النهار” في باريس ان وزارة الخارجية الفرنسية ردت على سؤال مما نسبته صحيفة “معاريف” الى لودريان عن طلب السلطات الفرنسية عدم قيام اسرائيل باي ضربة عسكرية للبنان قبل تشكيل الحكومة وان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سوف يلغي زيارته للبنان، وهل ان فرنسا توقفت أخيراً عن تقديم مساعدات للجيش اللبناني، فاعلنت الخارجية الفرنسية “انها تكهنات ولا أساس لها”.

وأضافت “ان فرنسا تتابع الوضع في لبنان وتأمل ان يتم تاليف حكومة في أقرب وقت. وتعتبر ان وجود حكومة ضرورة لسيادة لبنان وأمنه واستقراره في ظل وضع اقليمي صعب. وتأمل ان ان يتم احترام وتنفيذ الالتزامات التي تعهدتها السلطات اللبنانية والشركاء الدوليون في مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في الربيع الماضي في باريس وخلال مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني”.

كذلك قال “فرنسا تؤكد التزاماتها وتواصل دعم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي. وتدعو الى الامتثال الصارم لقرارات مجلس الامن، وتحيي دور القوة المؤقتة الامم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” في المحافظة على الهدوء على طول الخط الازرق وعلى الحدود بين لبنان واسرائيل”.

اما في شان زيارة الرئيس ماكرون للبنان منتصف الشهر المقبل، فلم تدل الخارجية بأي ايضاح عن الموضوع، لانها لا تصدر بيانات باسم رئيس الجمهورية ويعود الامر الى قصر الاليزيه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *